بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ذي الجلال والإكرام، والفضل والإنعام، والصلاة والسلام نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
لقد مرّ معنا في الحلقة الماضية عظيم شأن التفكر وكبير أهميته لجميع الناس، وذكرنا أن أكثر الناس قد وقعوا في شباك التبعية وشراك التقليد الأعمى، ولم يسلم من ذلك كثير من طلبة العلم الذين هم أحرى بهذه الصفة وأجدر بأن يكون التفكر ديدنهم.
لو مررنا مروراً سريعاً إلى طبيعة دعوة الأنبياء وحال أقوامهم معهم لوجدنا أن دعوة الأنبياء عليهم السلام في غاية الوضوح والشفافية، موافقة للفطرة السليمة، تتقبلها القلوب والنفوس مع أدنى تفكر وتدبر.
ومع وضوح دعوة الرسل مالذي جعل أكثر الناس يقفون ضد دعوتهم ويقابلون دعوتهم بالرفض والإعراض بل بالسخرية والاستهزاء؟
إنه التقليد الأعمى لما عليه الآباء والأجداد والمعظَّمون في أقوامهم، وعدم التفكر والتدبر في حقيقة دعوة الرسل، تأمل قول الله تعالى يصف حال الكافرين: (اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون، ما يأتيهم من ذكرٍ من ربهم محدثِ إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم..).
ولما أعرض أكثر الناس عن دعوة الرسل ولم يقبلوها ولم تكن لديهم حجة في ذلك قالوا: (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون).
ويوم القيامة تظهر الحقائق فيندم الكفار ويتمنون الرجوع لكي يتركوا التقليد والتبعية للآباء والكُبَراء ولكن هيهات هيهات.
قال تعالى في وصف أهل النار: (يوم تقلّب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا، وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكُبَراءنا فأضلونا السبيلا، ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعناً كبيرا)
وقال تعالى: (ولو ترى إذا الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استُضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين، قال الذين استكبروا للذين استُضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين، وقال الذين استُضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أنداداً وأسرُّوا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يُجزون إلا ما كانوا يعملون).
وقال تعالى: (إذ تبرّأ الذين اتُّبِعوا من الذين اتَّبَعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب، وقال الذين اتَّبَعوا لو أن لنا كرّةً فنتبرّأ منهم كما تبرّؤوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار).
والآيات في هذا كثيرة.
ولكن تأمل في حال من تفكّر وتدبّر كيف ساقهم الله للهداية
فانظر مثلاً إلى قصة مؤمن آل فرعون وهو يعظ قومه كيف يسرد لهم الدلائل على صدق موسى عليه السلام ويدعوهم إلى التفكر والتدبر.[اقرأ قصته في سورة غافر].
وفي سورة يس تأمل خطاب الرجل الي جاء من أقصى المدينة يسعى وهو يخاطب قومه ويدعوهم إلى الإيمان بالرسل فيقول: (..يا قوم اتبعوا المرسلين، اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون، وما ليَ لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون، أأتخذ من دونه آلهةً إن يردنِ الرحمن بضر لا تغنِ عني شفاعتهم شيئاً ولا يُنقِذون..).
وتأمل قصة خالد ابن الوليد وعمرو بن العاص وهما من دهاة العرب وعقلاء قريش عندما أسلما قيل لهما ما الذي أخّركما عن قبول الحق؟ قالا كان بيننا وبين الحق رجال كُنا نرى عقولهم كالجبال.[أي أنهما وثقا في عقول سادات قريش ولم يقبلا الحق تبعا لهم].
ثمّ تأمل قصة سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري والطفيل بن عمرو السدوسي كيف أنهم بالتفكر والتدبر ساقهم الله للهداية ومنحهم التوفيق.
فالطفيل بن عمرو وهو من عقلاء العرب عندما قدم مكة للحج حذّره صناديد قريش من السماع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وما زالوا يخوفونه حتى وضع القطن في أذنه فلما كان في الطواف أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلوا وجهه السكينة والوقار، فقال الطفيل لنفسه ويحك يا طفيل إنك لمن عقلاء العرب إذهب إليه فاسمع منه فإن كان ما يدعوا إليه حسن قبلته وإلا رددت عليه ما يقول، فلما أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع منه شرح الله صدره للإسلام.
وهكذا قصة إسلام سعد بن معاذ وأسيد بن الحضير رضي الله عنهما وعن الصحابة أجمعين.
فهل سوف تعي الأمة خاصة طلبة العلم والعلماء أهمية التفكر والتدبر لكي تتخلص من التقليد الأعمى وتخلص المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟
اعتذر عن الاطالة وفي الحلقات القادمة إن شاء الله سوف نتكلم عن واقع التقليد ومدى تأثيره في تحريف الدين وضياع السنن وإيقاع الأمة في متهات وجرها إلى ويلات.
وسنذكر في الحلقات تباعا بعون الله أهمية التفكر في مسائل مهمة كمسألة طاعة الحكام، والحدود المصطنعة، وحقيقة الجهاد ومسألة الخوارج وحقيقة الصراع القائم اليوم وغيرها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجم
عين.الحمد لله ذي الجلال والإكرام، والفضل والإنعام، والصلاة والسلام نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
لقد مرّ معنا في الحلقة الماضية عظيم شأن التفكر وكبير أهميته لجميع الناس، وذكرنا أن أكثر الناس قد وقعوا في شباك التبعية وشراك التقليد الأعمى، ولم يسلم من ذلك كثير من طلبة العلم الذين هم أحرى بهذه الصفة وأجدر بأن يكون التفكر ديدنهم.
لو مررنا مروراً سريعاً إلى طبيعة دعوة الأنبياء وحال أقوامهم معهم لوجدنا أن دعوة الأنبياء عليهم السلام في غاية الوضوح والشفافية، موافقة للفطرة السليمة، تتقبلها القلوب والنفوس مع أدنى تفكر وتدبر.
ومع وضوح دعوة الرسل مالذي جعل أكثر الناس يقفون ضد دعوتهم ويقابلون دعوتهم بالرفض والإعراض بل بالسخرية والاستهزاء؟
إنه التقليد الأعمى لما عليه الآباء والأجداد والمعظَّمون في أقوامهم، وعدم التفكر والتدبر في حقيقة دعوة الرسل، تأمل قول الله تعالى يصف حال الكافرين: (اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون، ما يأتيهم من ذكرٍ من ربهم محدثِ إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم..).
ولما أعرض أكثر الناس عن دعوة الرسل ولم يقبلوها ولم تكن لديهم حجة في ذلك قالوا: (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون).
ويوم القيامة تظهر الحقائق فيندم الكفار ويتمنون الرجوع لكي يتركوا التقليد والتبعية للآباء والكُبَراء ولكن هيهات هيهات.
قال تعالى في وصف أهل النار: (يوم تقلّب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا، وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكُبَراءنا فأضلونا السبيلا، ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعناً كبيرا)
وقال تعالى: (ولو ترى إذا الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استُضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين، قال الذين استكبروا للذين استُضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين، وقال الذين استُضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أنداداً وأسرُّوا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يُجزون إلا ما كانوا يعملون).
وقال تعالى: (إذ تبرّأ الذين اتُّبِعوا من الذين اتَّبَعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب، وقال الذين اتَّبَعوا لو أن لنا كرّةً فنتبرّأ منهم كما تبرّؤوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار).
والآيات في هذا كثيرة.
ولكن تأمل في حال من تفكّر وتدبّر كيف ساقهم الله للهداية
فانظر مثلاً إلى قصة مؤمن آل فرعون وهو يعظ قومه كيف يسرد لهم الدلائل على صدق موسى عليه السلام ويدعوهم إلى التفكر والتدبر.[اقرأ قصته في سورة غافر].
وفي سورة يس تأمل خطاب الرجل الي جاء من أقصى المدينة يسعى وهو يخاطب قومه ويدعوهم إلى الإيمان بالرسل فيقول: (..يا قوم اتبعوا المرسلين، اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون، وما ليَ لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون، أأتخذ من دونه آلهةً إن يردنِ الرحمن بضر لا تغنِ عني شفاعتهم شيئاً ولا يُنقِذون..).
وتأمل قصة خالد ابن الوليد وعمرو بن العاص وهما من دهاة العرب وعقلاء قريش عندما أسلما قيل لهما ما الذي أخّركما عن قبول الحق؟ قالا كان بيننا وبين الحق رجال كُنا نرى عقولهم كالجبال.[أي أنهما وثقا في عقول سادات قريش ولم يقبلا الحق تبعا لهم].
ثمّ تأمل قصة سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري والطفيل بن عمرو السدوسي كيف أنهم بالتفكر والتدبر ساقهم الله للهداية ومنحهم التوفيق.
فالطفيل بن عمرو وهو من عقلاء العرب عندما قدم مكة للحج حذّره صناديد قريش من السماع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وما زالوا يخوفونه حتى وضع القطن في أذنه فلما كان في الطواف أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلوا وجهه السكينة والوقار، فقال الطفيل لنفسه ويحك يا طفيل إنك لمن عقلاء العرب إذهب إليه فاسمع منه فإن كان ما يدعوا إليه حسن قبلته وإلا رددت عليه ما يقول، فلما أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع منه شرح الله صدره للإسلام.
وهكذا قصة إسلام سعد بن معاذ وأسيد بن الحضير رضي الله عنهما وعن الصحابة أجمعين.
فهل سوف تعي الأمة خاصة طلبة العلم والعلماء أهمية التفكر والتدبر لكي تتخلص من التقليد الأعمى وتخلص المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟
اعتذر عن الاطالة وفي الحلقات القادمة إن شاء الله سوف نتكلم عن واقع التقليد ومدى تأثيره في تحريف الدين وضياع السنن وإيقاع الأمة في متهات وجرها إلى ويلات.
وسنذكر في الحلقات تباعا بعون الله أهمية التفكر في مسائل مهمة كمسألة طاعة الحكام، والحدود المصطنعة، وحقيقة الجهاد ومسألة الخوارج وحقيقة الصراع القائم اليوم وغيرها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجم