[right
]بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أنّ سيدنا وحبيبنا وشفيعنا وقرة أعيننا محمدا عبده ورسوله.
أما بعد:
فأشكر أخي ديصبح على هذه النصيحة الطيبة التي لاأشكُ أنها كانت من القلبِ ولكنني أريد أن أنبههُ على خطأ قد قاله في كلامه وأظنه وقع دون قصدٍ لأنني شممتُ من كلامهِ عبير الخير لإخوانهِ المسلمين وهو قوله ( وألا يقدموا بدعةً ابتدعوها على فريضةٍ فرضها اللهُ سبحانه)
أقولُ لأخي الحبيب الآتي:
أولاً: هذه ليست بدعة لأنها ليلةُ ختمِ القرآن الكريم التي تُلي خلالها القرآن الكريم لمدة عشرة أيامٍ على التوالي في ثلاثةِ أوقاتٍ وهي قبلَ الفجر وقبلَ العصر ومابين العشائين ولا أظنك يا أخي الحبيب تجهلُ فضيلة هذه الأوقات الشريفة التي وردت فيها الأحاديث وتكلم عنها العلماء، ولأن البدعة كما عرفها العلماء هي ابتداع الشيء في الدين مما لا يندرج تحت أصل من أصوله ولم يشترط الشرع له هيئة مخصوصة، وقد نص على ذلك العلماء من السلف والخلف، ولا أظنك أخي الحبيب تجهل ذلك.
وقد ذكر الإمام النووي سنية الاجتماع على ختم القرآن في كتابه التبيان في آداب حملة القرآن وقد ذكر ذلك أيضاً في فصل آداب الختم وما يتعلقُ به.
وقد ذكر رحمه الله فيه خمس مسائل وفي المسألة الأولى قال: .... وأما من يختم القرآن في غير الصلاة، والجماعة الذين يختمون مجتمعين قال فيستحب أن يكون ختمهم في أول النهار وأول الليل كما تقدم، وأول النهار أفضل عند بعض العلماء، وقال في المسألة الثانية: يستحب صيام يوم الختم إلا أن يصادف يوماً نهى الشرع عن صيامه.
وقد رَوَى ابن أبي داود بإسناده الصحيح: أن طلحة بن مصرف وحبيب بن أبي ثابت والمُسيَّبَ بن رافع، التابعين الكوفِيِّينَ رضي الله عنهم، كانوا يصبحون في اليوم الذي يختمون فيه القرآن صياماً.
وقال في المسألة الثالثة: يستحبُّ حضور مجلس ختم القرآن استحباباً متأكدا؛ فقد ثبت في ((الصحيحين)): ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الحُيَّضَ بالخروج يوم العيد فيشهدن الخير ودعوة المسلمين))
وروى الدارمي وابن داود بإسنادهما عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يجعل رجلا يراقب رجلا يقرأُ القرآن، فإذا أراد أن يختم أعلم ابن عباس فيشهد ذلك. وروى ابن أبي داود بإسنادين صحيحين عن قتادة التابعي الجليل صاحب أنس رضي الله عنهم. قال: كان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا.
وروى بأسانيده الصحيحة عن الحكم بن عيينة التابعي الجليل، قال: أرسل إليَّ مجاهد وعبدة بن أبي لبابة فقالا: إنا أرسلنا إليك لأنا أردنا أن نختم القرآن، والدعاء مستجاب عند ختم القرآن وفي بعض الروايات الصحيحة، أنه كان يقال: إن الرحمة تنزل عند خاتمة القرآن.
وروى بإسناده الصحيح عن مجاهد قال: كانوا يجتمعون عند ختم القرآن يقولون: تنزل الرحمة.. وغيرها من الأحاديث الكثيرة والوقت لا يسعني سردها في هذا المقام.
ولو لاحظت هذه الأحاديث كلها فإنها تحث على ختم القرآن وعلى المشاركة والاجتماع وأنت يا أخي الحبيب ألا تريد لأخوانك المقعدين في البيوت وفي المساجد سماع هذا الختم حتى يشملهم الدعاء والخير ولا أظنك ممن لا يرغب في الخير وأنت قد قدمت هذا النصيحة لإخوانك.
ولو أخر إخواننا في مسجد قيدان إقامة الصلاة - في هذه الأيام من السنة - قليلا حتى ينتهو ما هم بصدده من ذكر وقراءة، ويشاركون الإخوة في سماع الختم ليشملهم الخير والثواب لكان تأخيرهم حسناً، خاصة وأن مصلحة الختم مصلحة عامة لأهل البلد وتعجيل الصلاة لأهل المسجد فضيلة لأهل المسجد لا تتعداهم إلى غيرهم وقد ذكر العلماء أنّ تقديم المصلحة العامة أولى من تقديم المصلحة الخاصة وليس كما توهمت أنّ هناك تعارض بين مجلس الختم والفريضة.
أما ما يحدث في أثناء الختم من أناشيد وضرب الطيران (الدف) فهي أناشيد دينية فيها الدعاء والتضرع والمراثي وحكم النشيد ليس ببدعة عند العلماء أما الطار ( الدف) فقد روي فيه أحاديث كثير منها 3314 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ أَبُو قُدَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الأَخْنَسِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ : أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى نَذَرْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى رَأْسِكَ بِالدُّفِّ. قَالَ : « أَوْفِى بِنَذْرِكِ ». قَالَتْ : إِنِّى نَذَرْتُ أَنْ أَذْبَحَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا مَكَانٌ كَانَ يَذْبَحُ فِيهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَ : « لِصَنَمٍ ». قَالَتْ : لاَ. قَالَ : « لِوَثَنٍ ». قَالَتْ : لاَ. قَالَ : « أَوْفِى بِنَذْرِكِ ».الكتاب : سنن أبي داود
وبهذا الحديث استدل من جوز ضرب الطار (الدف)، ثم إن المسألة هذه مما اختلف فيها أهل العلم بين مجوز وغير مجوز، وما العتب على من عمل بمذهب من جوّز؟؟
والمعلوم أن المنكِر للمعروف لا ينبغي أن ينكر على أحد في مسألة وقع فيها الخلاف المعتبر.
هذا وإنّ القصد من تعليقي هذا هو توضيح ما وقع فيه أخي الحبيب من سهو.. وأسأله العفو والسماح على هذه الكلمات البسيطة، راجيا أن يفهم قصدي أولاً وأخيراً،، كما استسمح إدارة المنتدى على عدم استئذاني منهم في التعليق على أخي الحبيب.
وصلى الله وسلم وبارك وكرم على سيد الأولين والآخرين وحبيب رب العالمين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى صحابته المفالحين.
[/right]