من منا لا يحب ولا توجد عنده روح الإنتما ء و غريزة الحب بشتى أنواعها صحيح قد تختلف في درجاتها من شخص إلى أخر ولاكن في النهاية سوف تجدها عند الجميع موجودة وكما قال الشاعر :
بلادي وإن جارت علي عزيزةً ***** واهلي وإن بخلو علي كراماً
ولاكن وللأسف الشديد قد ينخفض مستوى الأهتمام بهذا الجانب أو نقول الأستهتار وعدم الأهتمام وهذا ما نراه بشكل كبير خصوصاً في الوقت الحاضر من الشباب طبعاً سوف يجيب الجميع أن الضروف الحاضرة هي ما تؤدي إلى مثل ذلك لإستهتار فما نراه في مدارسنا عندما يقوم الطالب في الطابور الصباحي سواء عند القاء كلمات ( الله ثم الوطن ثم الثورة ) أو عند النشيد الوطني من عدم مبالاة لم ياتي من فراغ فعندما يرى الطالب المدرس غير مبالي ، فماذا تتوقع من الطالب ؟؟ هذا جانب فقط أحببت أن أضرب المثل عليه وغيره الكثير الكثير . والمصيبة عندما يصل إلى خارج الوطن فطلابنا في الخارج هم واجهتنا وإليكم هذه القصة المقتبسة من موضوع يتحدث في نفس السياق :
يحكي أحد الأصدقاء اليمنيين الذين يتلقون دراساتهم العلياء في أحد دول شرق أسيا أنه ذات مرة وبينما كان يقعد مع مجموعة من زملائه العرب والأجانب ويتبادلون الحديث عن زياراتهم لبعض الدول، جاء دور أحد زملائه السعوديين ليتحدث عن البلدان التي زارها وعندما سئل من قبل احد زملائه الجزائريين فيما إذا كان قد زار اليمن أم لا، أجابه الشاب السعودي قائلاً: "اليمن أخر دولة أزورها قبل إسرائيل". تعالت الضحكات لتملأ المكان وشاركهم زميلنا في ذلك مجاملاً، لكن تلك الكلمات كانت بالنسبة له كالزلزال، خاصة وأنها صدرت من صديقه وزميله الذي ربطته به علاقات متميزة، فكتم غيظه متظاهراً بعدم الغضب, وحاول أن يستفسره عن ذلك الجواب القاسي فما كان من الشاب السعودي إلا التهرب والرد بابتسامات وكلمات مهدئة، وانتهت الجلسة دون التوصل إلى معرفة محركات ذلك الانطباع السلبي عن بلده اليمن..قضى صديقنا ليلته ساهراً وهو يحاول أن يفند تلك الكلمات ولكن دون جدوى.
وفي اليوم التالي، جاءه الشاب السعودي إلى غرفته وقعد معه وباشره الحديث باعتذاره عما صدر منه ليلة البارحة من كلمات كانت موجعه وقال له مبتسماً:" أعرف أن جوابي كان قوياً ولكن لم أعلم أنك ستتأثر بهذه الدرجة". أجابه صديقنا: "لا يزعجني ما صدر منك من كلمات جارحة بقدر ما يهمني معرفة الأسباب التي كونت لديك ذلك الانطباع السلبي عن اليمن". فرد عليه الشاب السعودي أنه لا يعرف عن اليمن سوى ما يسمعه من بعض الشباب اليمنيين الذين يعملون في المملكة والذين يتحدثون دائماً بشكل سلبي عن بلدهم. فحاول صديقنا أن يشرح له أن ما سمعه من مجموعة من الشباب اليمنيين لا يمكن تعميمه ولا يمكن اعتماده كأساس لرسم صورة كلية عن بلد يملك تأريخ عريق بغنى عن شهادة حتى أبنائه، وبغض النظر عما سمعه من أولئك الشبان عن بلدهم فلا يمكن أخذ الجانب السلبي وترك الجانب الايجابي لان لكل بلد سلبيات وإيجابيات، وأن من ألتقاهم قد يعانون من بعض المشاكل الاقتصادية والجهل وهو ما جعلهم يتحدثون بتلك الصورة... رد الشاب السعودي باستغراب:" أنا أول مرة أجد يمني يدافع عن بلده بهذه الصورة" وتابع ضاحكاً وكأنه يكفر عن كلماته الموجعة:" تأكد يا صديقي أن اليمن أول دولة سأزورها في محطتي القادمة". فسأله صديقنا مازحاً: قبل إسرائيل أم بعد إسرائيل؟ ضحك الشاب وقال وهو يربت على كتفيه: "إنس كلماتي السابقة فقد ارتسمت لدي صورة مختلفة".
طبعاً ما يستنبط من القصة الماضية ما يمكن أن يكون حلاً لتغير النظرة ولا كن المشكلة الجوهرية تايي إبتداً بالأسرة إلى المدرسة إلى المسجد ... رأس الدولة .
لورغم كل ذلكي يجب أن نقول أن ولاء الإنسان لوطنه وبلده ينبغي أن يكون خطاً أحمر لا يتأثر بتلك العوامل أو غيرها لان الوطن أكبر من ذلك. ولنأخذ ولاء المواطن المصري لبلده نموذجاً للمقارنة. فكلنا قد نصادف الكثير من المصريين الفقراء الكادحين ، وإذا سألت أحدهم عن بلده أجابك بفخر وبملء فمه: "أنا من مصر " أم الدنيا"، وهو ما يعكس حبه لبلده وولائه لها. وليس بعيداً عن ذلك، فلعلنا قد سمعنا أو قرأنا عن المواطن المصري الذي توفى فرحاً لفوز منتخبه بكأس أفريقيا عام 2006، وأنا لا أقصد هنا أن نموت أساً وحزناً على منتخباتنا المتساقطة لنثبت حبنا للوطن، ولكن أريد أن أقول أن من عشق وطنه عشق كل شيء فيه.
فإذا أدركنا غلاوة هذا الوطن فبالتأكيد سيكون كل واحد فينا - أكان مسئولا أو مواطناً عادياً، أكان غنياً أو فقيراً- رجل أمن وإعلامي ومروج سياحي وسفير لهذا الوطن في بلد الاغتراب. ومهما كانت السلبيات وبطش ونهش وحوش الفساد والحالة الاقتصادية الصعبة فلن يكون ذلك مبرراً لضعف ولائنا الوطني.. وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف في الانتماءات الحزبية والتوجهات السياسية فالوطن أسمى وأكبر لأنه ملك الجميع وملك ألأبناء والأحفاد ومن سيأتي.. فلنربي أنفسنا على حب الوطن ولنغرس ذلك في أبنائنا وأحفادنا .
وإليكم هذه القصيدة المقتبسة للأخ / أحمد عبده الشرعبي لم أسمع مثلها طيلت حياتي وبنفس النبرة إلا في الكتب المدرسية فقط:
"وطني"..
يا أعظم كلمة..
تنطق بها لساني ..
يا أغلى لوحة..
يرسم ألوانها قلمي
يا أجمل صورة..
يذهل لسحرها بصري
يا أعذب لحنٍٍ ..
يطرب لنغمه مسمعي
يا أزكى عطرٍ
يعيد الروح إلى الجسدِ
ترابك وجـــودي
نسيمك نفســـــي
ماؤك دمــــــــي
شموخك عزتـي
جراحك فنائـــي
في شقائي..
أنت الصدر الحنون
في رخائي..
أنت إلهامي تكون
عشقتك..
فصار عشقي جنون
سكنتك..
فسكنت قلبي في سكون
وتقبلوا خالص تحياتي سامي وعفواً على الإطالة