الباحثة والصحافية الالمانية «دانيلا سيبك» كانت من المشاركات الناشطات في مهرجان التراث الذي اقيم مؤخراً في مركز «هنري ديومنغريد». وقد اظهرت خلال مشاركتها في فعاليات المهرجان الذي هدف الى احياء الحرف التقليدية والحفاظ على موروثنا الملبسي وتعزيز دور المرأة في هذا الاتجاه مقدار اهتمامها بالازياء التراثية اليمنية وحرصها على ان يجد هذا الموروث الغني والبديع بتصاميمه الفنية الجميلة وزخارفه الرائعة والوانه المتعددة حقه من الاهتمام والبحث والتوثيق.
«26سبتمبر» التقت ابنة الريف الالماني المفتونة بالازياء التراثية اليمنية واجرت معها هذا الحديث:
< من هي دانيلا سيبك؟
<< انا من قرية صغيرة تقع بالقرب من مدينة ميونخ ودرست في جامعة باندرك اللغة العربية وتاريخ البلدان العربية الى جانب الصحافة، وقد امضيت في اليمن سنة كاملة واهتماماتي هنا تتركز في دراسة التراث الحي وخصوصاً الحرف التقليدية التي مازالت قائمة والأزياء التقليدية التي مازال الناس ينتجونها ويرتدونها، وبمعنى اشمل التراث الذي لايزال يشكل جزءاً من حياة الناس في اليمن.
< كيف وجدت الأزياء التراثية اليمنية، وما الانطباع الذي تركته لديك؟
<< حتى الآن اعتبر نفسي لم اشاهد سوى القليل فاليمن غنية بتراثها الملبسي وهناك تنوع مدهش في الازياء حيث تجد فرقاً في الزي التراثي بين منطقة واخرى بل يوجد اختلاف بين قرية واخرى مجاورة لها، وماتسنى لي مشاهدته من الازياء لايزيد عددها على 03 نوعاً، ولاحظت انها تتميز بجمال نقوشها وتصاميمها ودقة حياكتها حتى الاجزاء الصغيرة يوجد فيها عمل فني رائع ودقة بالغة لدرجة ان المرء يتساءل كيف كانت حياة الناس الذين انتجوا مثل هذه الاعمال الفنية الرائعة.
متحف للأزياء
وأول مافكرت به يجب ان يكون هناك متحف خاص بالازياء.. ليتولى عرضها والحفاظ عليها، فوجود مثل هذا المتحف ضروري ليس فقط لتعريف الآخرين بما يمتلكه اليمن من تراث بل ايضاً لنشر الوعي لدى الاجيال الجديدة بأهمية هذا التراث والاماكن التي ينتسب اليها، واعرف بلداناً مجاورة لليمن لاتمتلك ماتمتلكه اليمن من تراث ملبسي ومع ذلك توجد فيها متاحف للأزياء التقليدية فوجود متحف متخصص بالتراث الملبسي ضروري جداً وبدونه لايمكن اثبات ملكيته لليمن وبإمكان الآخرين ان ينسبوه اليهم.
< كباحثة مهتمة بالتراث الملبسي ماالذي استفدته من البحث الميداني «حكاية من تهامة»؟
<< هذا البحث يعتبر الأول من نوعه يجرى على زي تقليدي في اليمن واشتركت فيه انا والباحثة الاستاذة أمة الرزاق جحاف وقد اتاح لي التعرف على الوضع السائد بالنسبة للأزياء على ارض الواقع، فقد لاحظت من خلال النزول الميداني الى تهامة ان الفرق في الأزياء ليس فقط على مستوى المدن وإنما ايضاً على مستوى القرى وايضاً لاحظت بعض السلبيات فالجيل الجديد يلبس البنطلون وجاكيت والنساء يلبسن ازياء مخالفة للازياء التقليدية، كذلك وجدت ان هدا الجيل لايملك معلومات عن الازياء القديمة، بينما كبار السن من النساء يلبسن من الداخل الزي التقليدي ومن الخارج بالطو والمقرمة التهامية، كذلك تقنيات الازياء التقليدية لم تعد موجودة سوى عند كبار السن، ولاحظت الناس يقولون هذه الازياء من زبيد وهي اصلاً من شرق تهامة، كما ان الزخرفة تتم الآن بالمكينة. كما تم استبدال خيط الخدوجة المكلف باضافة ألوان من القماش وصنعوا اثواباً بنفس التصميم القديم لكن ارخص من حيث المواد الخام ومن حيث الزخرفة التي تعطي نفس الطابع لكنها اقل جمالاً وأقل دقة.
أهمية البحوث
< هل تفكرين اجراء ابحاث ميدانية مماثلة بالتعاون مع مركز تنمية المرأة للتراث والفنون؟
<< أريد ان اقول لك ان مثل هذه الابحاث ضرورية وهناك باحثون في علم الاجتماع جعلوا من الأزياء القديمة موضوعاً لتخصصاتهم وابحاثهم وتوصلوا الى نتائج كانت مفيدة للصناعات النسيجية وتصاميم بيوت الأزياء واليمن كما قلت غنية بتراثها الملبسي المنتشر على امتداد مساحة واسعة وعلينا ان نعمل بسرعة، فنحن في سباق مع الزمن الذي يأخذ معه كل شيء، يأخذ الخبرات وكبار السن الخ..ونحن اليوم نلفت انتباه اليمنيين الى اهمية هذه البحوث على الرغم اننا متأخرون، فالأزياء التراثية جزء لايتجزأ من مكونات الشخصية والهوية وذاكرة الشعوب ولهذا نبحث عن دعم دولي لقيام مشروع يعنى بالتراث اليمني من الازياء يهتم بالتوثيق والبحث الميداني الى جانب النظري والتواصل مع اصحاب الخبرات وتنفيذ برامج لتدريب الحرفيين واكسابهم الخبرات التقليدية وكذلك تطوير التراث او بالاصح انتاج ازياء تجمع بين الاصالة والمعاصرة، فهذه مسألة مهمة تسهم في احياء هذا التراث واستمراريته ليصبح جزءاً من حياة الناس.
< ماذا عن الثوب التقليدي الذي ترتدينه؟
<< هذا الثوب اشتريته من قرية في تريبة وشدني شكله وتصميمه، حيث يشبه تصميم الزي موضوع البحث كذلك زخرفته، وسيكون اجمل لوكانت مادة القماش من القطن والحرير وليس البلاستر كما هو حاصل اليوم مع الاسف في معظم المنتجات الحرفية التقليدية.
